أنا أتكفل به"، وهذا صريح في الإنشاء لا يحتمل الأخبار بما مضى، وتأويل الحديث بصرفه عن ظاهره لا يصح، لعدم الحاجة إلى صرفه عن مدلوله، وهو معارضة نص آخر أقوى منه مع أن التأويلات التي ذكرت كلها فاسدة.
وأما التعليل فلا نسلم أنه كفل بدين ساقط عن ذمة الأصيل، بل هو باق في ذمة الأصيل لا يسقطه الموت، ألا ترى أنه يطالب به في الآخرة، إذ وجوب الدين لا يسقطه إلا الوفاء أو الإبراء أو انفساخ سبب وجوبه، وبالموت لا يتحقق شئ من ذلك، ولو مات عن وفاء أو كان به كفيل لم يسقط، ولو تبرع أحد بوفائه يصح، ولو برئ المفلس عن الدين بالموت لما حل لصاحبه الأخذ من المتبرع.
ولا نسلم أن الدين هو الفعل، بل الفعل-الذي هو الأداء- غيره لأنه يضاف إليه، يقال: أداء الدين، والمضاف غير المضاف إليه، وقد فرقتم بين الوجوب، ووجوب الأداء في العبادات، وهذا أولى فهو نظير الدين المؤجل، بل هو دين مؤجل، والكفالة بالدين المؤجل صحيحة، وكذا الكفالة عن العبد بما يلزمه بعد العتق وإن كان الأجل هنا بعيد، فبعده بالنسبة إلينا، قال الله تعالى: {إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً} وإذا تقرر هذا المعنى، انتفى أن يكون الدين فعلاً بالمعنى الذي أراده، وانتفى ما رتبه عليه من السقوط،