الثاني: السلم الحال في الذمة إذا لم يكن عنده ما يوفيه.
الثالث: السلم المؤجل إذا لم يكن على ثقة من توفيته، وأما إذا كان على ثقة من توفيته عادة فهو وإن لم يكنه عنده حساً، فهو عنده معنى، باعتبار القدرة على تحصيله، ولهذا كثيراً ما يقال: وهذا عندي وفي ذمتي للدين أصالة أو كفالة، وهو معنى شائع بين الناس جاء على ألسنتهم مشهور بينهم.
فالحاصل أن قياس السلم على الابتياع بثمن مؤجل أصح من قياسه على بيع المعدوم الذي لا يقدر على تسليمه عادة، فإن اعتبار المعنى الجامع بين السلم وبيع المعدوم عارضه المعنى الفارق، وهو أن المعدوم الذي لا يقدر على تحصيله عادة خطره متحقق، والمعدوم الذي يقدر على تحصيله عادة خطره محتمل، والسلم منه فلا يقاس ما يقدر على تحصيله عادة على ما لا يقدر على تحصيله عادة لظهور المعنى الفارق بينهما وقوته.
ولا يقوى المعنى الفارق بين المبيع المؤجل وبين الثمين المؤجل بأن المبيع هو المقصود دون الثمن في مقابلة قوة المعنى الجامع بينهما، وهو أن كلاً منهما يثبت مثله في الذمة وتزول الجهالة المفضية إلى المنازعة فيه بالوصف، فإذا ظهرت قوة الجامع بين الثمن المؤجل والمبيع الذي يقدر على تحصيله عادة ويثبت مثله في الذمة، وضعف الفارق بينهما ظهرت قوة قياسه عليه، وإذا ظهرت قوة الفارق بين المعدوم الذي لا يقدر على تحصيله عادة وبين الذي يقدر على تحصيله عادة ويثبت مثله في الذمة وضعف الجامع بينهما ظهر ضعف قياسه عليه.