تلفظ باللسان، وإنما هي تفرق في الاعتقاد، وذلك عمل القلب، وتفرق من عقده انحل بعد عقده أعني في قوله تعالى: {وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته} والمتبايعان في حال مباشرة العقد إنما بينهما اتفاق على الثمن والمبيع بعد الاختلاف فيه، ولو كان المعنى أنهما بالخيار حال مباشرة العقد قبل أن يفرغا منه لكانت العبارة الصحيحة عن ذلك "ما لم يتفقا" لا "ما لم يتفرقا" لأنهما بعد العقد قد اتفقا عليه.
قال أبو عمر بن عبد البر: وأما ما اعتلوا به من أن الافتراق يكون بالكلام، فيقال لهم: أخبرونا عن الكلام الذي وقع به الاجتماع، وتم به البيع أهو الكلام الذي أريد به الافتراق أم غيره؟ فإن قالوا: هو غيره، فقد أحالوا وبجاؤوا بما لا يعقل، لأنه ليس ثم كلام غير ذلك، وإن قالوا: هو ذلك الكلام بعينه، قيل لهم: كيف يجوز أن يكون الكلام الذي به اجتمعا وتم به بيعهما به افترقا وبه انفسخ بيعهما؟ هذا ما لا يفهم ولا يعقل. انتهى.
والذين اختلفوا في الكتاب أو في الرسل أو في العقائد، قد افترقوا ولم يتفقوا فلا يصح حمل الحديث عليه، وأيضًا فإن الصحابة إنما فهموا تفرق الأبدان فإن ابن عمر رضي الله عنهما "كان إذا بايع رجلاً مشى خطوات"،