الحق" فبهذا الحديث ثبت أن عليًا وأصحابه كانوا أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه وأن تلك المارقة مرقت من الإسلام ليس حكمها حكم إحدى الطائفتين، كما أمر بقتال هذه، بل قد ثبت في الصحيح أنه قال للحسن رضي الله عنه: "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" فمدح الحسن وأثنى عليه بما أصلح الله به بين الطائفتين حين ترك القتال، وقد بويع، واختار الإصلاح وحقن الدماء، مع نزوله عن الأمر، فلو كان القتال مأمورًا به لم يمدح الحسن ويثني عليه بترك ما أمر الله به، وفعل ما نهى عنه، وفي الصحيح أيضًا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنها ستكون فتن، القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها" الحديث.
وسيرة علي رضي الله عنه تفرق بين هذا وهذا، فإنه فرح بقتال الخوارج، وظهر منه الكراهة والندم لأجل القتال يوم الجمل وصفين، وقال فيهم: "إخواننا بغوا علينا طهرهم السيف" وصلى على قتلى الطائفتين دون قتلى الخوارج، وأيضًا فقد تنازع العلماء في تكفير الخوارج: فمن كفرهم نظر إلى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في