قوله: (إلا أنه لا يستقر لحاقه إلا بقضاء القاضي لاحتمال العود إلينا فلابد من القضاء).
فيه نظر، فإن قضاء القاضي لا يمنع احتمال عوده إلينا، وغاية حكم الحاكم ثبوت لحاقه بدار الحرب بالبينة، ومنصب القاضي لتنفيذ أوامر الله وتخليص المظالم، وإيصال الحق إلى مستحقه، ونحو ذلك، وليس إليه جعل هذا ميتًا حكمًا، فإن هذا بمنزلة التشريع، فإن كان لحاق المرتد بدار الحرب مما يوجب إجراء أحكام الموتى عليه، فلا حاجة إلى حكم الحاكم، وإن لم يكن مما يوجب ذلك فلا يمكن أن يجعله موجبًا، واشتراط حكم الحاكم بلحاقه لإجراء الأحكام على لحاقه دليل على ضعف القول بأن لحاقه بدار الحرب يجعله بمنزلة الميت، فإن قيل: هذه من مسائل الاجتهاد، فلابد من حكم الحاكم ليرتفع الخلاف كما في نظائرها من مسائل الخلاف. قيل: إنما يحتاج إلى الحكم في مسائل الخلاف لأجل المخالف في الحكم كما في شفعة الجوار مثلاً، فإنه إنما يحتاج فيها إلى الحكم حتى لا يسقطها من لا يراها،