بالحق البتة، والصبي والمجنون لا يتحقق منه تبديل، وكذلك المكره؛ لأن مبناه على الاعتقاد، ولو خرج من عمومه من ذكر فهو حجة فيما عداه على الصحيح، وقوله: ولأن الأصل تأخير الأجزية إلى دار الآخرة ... إلى آخره. فيه نظر لأن الله بعث محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، والأمر والنهي لا يتم إلا بالثواب والعقاب في الدنيا والآخرة، فلابد أن يكرم الأبرار أهل المعروف، وأن يعاقب الفجار أهل المكر ولم يخل الله ذنبًا من الذنوب عن عقوبة من العقوبات، وبهذا يصير الدين كله لله، وتزول الفتنة، ولهذا قال الفقهاء: إن التعزيز في كل معصية لا حدث فيها ولا كفارة، ولو كان تعجيل العقوبة يخل بمعنى الابتلاء لم يشرع حد ولا تعزير، وهو مشروع.
وقوله: لا يتوجه ذلك من النساء لعدم صلاحية البنية، فصارت المرتدة كالأصلية. منتقض بالشيخ العاجز، والأعمى والزمن ونحوهما إذا ارتدوا فإنهم لا يصلحون للحراب، ولهذا لا يقتلون في الحرب كما لا تقتل المرأة ومع هذا فإنه يقتل من ارتد منهم، ولا يصح التفريق بأن عدم صلاحية البنية في المرأة أصل، وفي الشيخ الفاني ونحوه عارض، فإن الشارع لم يعتبره، وأيضًا فإن نساء أهل الحرب وذراريهم يسترقون ويصيرون مالاً للمسلمين، فنهى عن قتلهن لما فيه من إضاعة المال، والمرتدة لا تسترق، ولئن كان الحربي إنما يقتل لمحاربته، فإنه لا يصح قياس الكفر الطارئ على الكفر الأصلي؛