قال ابن دقيق العيد -في شرحه العمدة -: هذا تقصير لأن الحديث وردت فيه المثلة من جهات عديدة، وبأشياء كثيرة، فهب أنه ثبت القصاص في سمل الأعين فما يصنع بباقي ما جرى من المثلة، فلابد من جواب غير هذا، وقد رأيت عن الزهري في قصة العرنيين أنه ذكر أنهم قتلوا يسارًا مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم مثلوا به، فلو ذكر ابن الجوزي هذا كان أقرب إلى مقصوده مما ذكر من حديث سمل الأعين فقط على أنه يبقى نظر في بعض ما حكى في القصة. انتهى.

ولم يذكر النظر ما هو، وكأنه أراد ما ورد في الحديث أنه تركهم في الحرة، يستسقون فلا يسقون.

وقد أجاب النووي عن هذا: بأن هؤلاء كانوا قد قتلوا الرعاة، وارتدوا عن الإسلام، وحينئذ لا يبقى لهم حرمة في سقي الماء ولا غيره، قال النووي: قد قال أصحابنا: لا يجوز لمن معه من الماء ما يحتاج إليه للطهارة أن يسقيه لمرتد يخاف الموت من العطش، ويتيمم، ولو كان ذميًا أو بهيمة وجب سقيه ولم يجز الوضوء به حينئذ انتهى.

ولا يصار إلى النسخ مع إمكان العمل بالحديث، وهذا الحديث دليل على مقابلة الجاني بمثل ما فعل فإن هؤلاء قتلوا الراعي، وسلموا عينة كما تقدم، وعلى قتل الجماعة وأخذ أطرافهم بالواحد، وعلى أنه إذا اجتمع في حق الجاني حد وقصاص استوفيا معًا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع أيديهم وأرجلهم حدًا لله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015