وإذا كان التمحل لتصحيح كلامه صونًا عن البطلان فصون كلامه يلزم منه تضييع ماله بغير فائدة دنيوية ولا أخروية، أما الدنيوية فظاهر، وأما الأخروية فلأنه لم ينو به الإعتاق فلا يؤخر عليه في الآخرة؛ لأن الأعمال بالنيات وصون ماله أولى من صون كلامه، فإنه لا إثم عليه بهذا اللغو من كلامه، فإن الله لا يؤاخذ باللغو في اليمين فهذا أولى، ويأثم بتضييع المال فإنه قد نهي عن إضاعة المال، وإذا دار الأمر بين منهي عنه ومعفو عنه كان ارتكاب المعفو عنه أولى من ارتكاب المنهي عنه، هذا على تقدير أن يكون لغوًا وأما لو أراد به الكرامة فلا لغو، وهلا صنتم كلامه عن البطلان فيما إذا قال لأمته أنت طالق ونوى به العتق، وستأتي المسألة في كلامه في هذا الباب.

وأصل هذه المسألة على ما ادعاه أهل أصول الفقه مبني على أن المجاز عند أبي حنيفة -رحمه الله -خلف عن التكلم بالحقيقة سواء كان معناه الحقيقي متصورًا فيه أو لم يكن وعندهما: المجاز خلف عن حكم ذلك اللفظ بمعنى أن يكون اللفظ موجبًا حقيقته ثم تعذر العمل بحقيقته لمعنى فحينئذ يصار إلى المجاز وهو قول أبي حنيفة الأول وإذا كان المجاز عبارة عما أريد به غير ما وضع له لمناسبة بينهما كما ذكروا في حده فالإرادة إنما تعرف من المتكلم وهو معترف أنه لم تكن له نية فكيف يجعل مجازًا والمتكلم لم يرد به غير ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015