فإن قيل: إن المراد بالحكم عدم سقوط النفقة بمضي الزمان فهذا هو الذي أثر فيه حكم الحاكم وتعلق به؛ قيل: كيف يعتقد السقوط ثم يلزم ويقضي بخلافه، وإن اعتقد عدم السقوط فخلاف الإجماع، ومعلوم أن حكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته، فإذا كان صفة هذا الواجب سقوطه بمضي الزمان شرعًا/ لم يزل حكم الحاكم عن صفته.
فإن قيل: بقي قسم آخر، وهو أن يعتقد الحاكم السقوط بمضي الزمان ما لم تفرض، فإذا فرضت استقرت في حق الوالدين، والولد، وإذا زاد الإذن في الاستدانة استقرت في حق بقية الأقارب، فهو يحكم باستقرارها لأجل الفرض لا بنفي مضي الزمان.
قيل: هذا الجواب لا يجدي شيئًا، فإنه إذا اعتقد سقوطها بمضي الزمان وأن هذا هو الحق والشرع لم يجز له أن يلزم بما يعتقد سقوطه، ويحتاج الحاكم إلى إقامة الدليل على أنه يجوز للقريب أن يستدين ما ينفقه على نفسه في غيبة قريبة ثم يرجع به عليه إذا حضر، حتى يجوز له الإقدام على الحكم له بذلك، وإلا فإذا كان الحكم أنه من استدان ما أنفقه في غيبة قريبة ليس له الرجوع بذلك عليه إذا حضر، ليس للحاكم أن يحكم بخلاف ذلك لأنه يكون قد حكم بخلاف حكم الله.
قوله: (وفي هذه المسألة أقاويل مرجوع عنها فلم يذكرها).
الأقاويل جمع أقوال، والأقوال جمع قول فهو جمع الجمع وأقل ذلك تسعة أقوال، وليس في المسألة ذلك كله.