كان صادقًا عليها، فقد أشاع فاحشتها وفضحها على رؤوس الأشهاد، وأقامها مقام الخزي، وقطع نسب ولدها إن كان ثم ولد، وإن كان كاذبًا فقد أضاف إلى ذلك بهتها بهذه القرية العظيمة، وأحرق قلبها.
والمرأة إن كانت صادقة فقد أكذبته على رؤوس الأشهاد، وأوجبت عليه لعنة الله، وإن كانت كاذبة فقد أفسدت فراشة، وخانته في نفسها، وألزمته العار والفضيحة فحصل لكل من صاحبه من النفرة والوحشة ما لا يكاد يلتئم معه شملهما أبدًا، ولو زال حكم ذنب المذنب منهما بالتوبة فإن الضغينة التي تبقي في النفس تمنع حسن الصحبة، وأيضًا فإن الشهود ولو رجعوا عن شهادتهم بعد الحكم بها لم ينقض الحكم، وسيأتي ذلك في كتاب الرجوع عن الشهادات.
وقد عللوا له بأن آخر كلامهم يناقض أوله، فلا ينقض الحكم بالمتناقض، ولأنه في الدلالة على الصدق مثل الألو، وقد ترجع الأول لاتصال القضاء به، وليس مع المخالفين إلا مجرد الرأي المعارض بمثله وبالنصوص، وإذا ثبت أن الحرمة مؤبدة، فهي فسخ وليس بطلاق وهو ظاهر، ولو لم تكن مؤبدة لكان في جعل الفرقة باللعان طلاقًا نظر.
قوله: (وكذلك إن قذف غيرها فحد به لما بينا، وكذا إذا زنت فحدث لانتفاء أهلية اللعان من جانبها).