ثم قال: الوجه الثاني أن قول الزوج: أنت طالق، طلقة واحدة عندهم محمولاً على التأكيد والخبر، وصار الناس بعدهم يحملونه على التجديد والإنشاء فألزمهم عمر ذلك لما ظهر قصدهم إليه، يدل عليه قول عمر: "إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة" وهذا الجواب يرده ما تقدم.
وأيضًا فمن أن هذا كان مرادهم؟ وليس له اطلاع على إرادتهم، ولا يدل عليها قول عمر كما أدعي! وإنما يدل قوله على أن الله تعالي شرع الطلاق مرة بعد أخرى للحاجة، فالذي يطلق ثلاثًا يقصد استعجال إيقاعها، وكان لهم عن ذلك غنية؛ فإن الغرض يحصل بالواحدة فزيادة الثانية والثالثة زيادة على المشروع من غير حاجة؛ ولهذا يحصل لهم الندم غالبًا فرأي عمر رضي الله عنه إلزامهم بتعجيل ما قصدوا تعجيله من إيقاع الثانية والثالثة ليرتدعوا عن الطلاق بمنزلة التعزيز لمن يفعل ذلك؛ فإن التعزيز إلى رأي الإمام، وعمر رضي الله عنه رأي أن التعزيز بإلزامهم بحكمها رادع لهم عن إيقاعها، لا أنه غير حكم الطلاق عما كان عليه فإن هذا لا يظن لمن هو دون عمر رضي الله عنه.
ثم قال: وأما حديث عكرمة عن ابن عباس، وطاوس عنه أن