وأما الوجه الثاني فإن المستحق عندنا فيما يوجد في المعدن ويتكلف فيه عمل وتصفية، الزكاة (?). وروى ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن (?) غير واحد: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع لبلال ابن الحارث المعادن القبلية" (?) فتلك لا يؤخذ منه [إلا] (?) الزكاة إلى الآن، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العَجْمَاءُ جُبَارٌ [وَالمعَدِنُ جُبَارٌ وَالبِئرُ جُبَارٌ] (?) وَفِي الرَّكَازِ الخُمُسُ" (?). وقد تعلق أصحابنا بهذا الحديث في أن المعدن غير الركاز, لأنّ النبي- صلى الله عليه وسلم - سماهما باسمين مختلفين. والظاهر أنه لا دليل في ذلك بل [يكاد أن] (?) يكون حجة لأبي حنيفة القائل بأن ما يوجد في المعدن فيه الخمس, لأنه - صلى الله عليه وسلم - تكلم على حكمين مختلفين فأخبر بأن ما سقط في المعدن أو يسقط عليه المعدن، فهو جُبار لا دية فيه. ثم أخبر أن في الركاز الخُمس، أي في الركاز الذي يكون في المعدن. وبهذا يحسن تأليف النظم في الحديث، ولسنا لإكمال الحجاج، وإنما نبهنا على أوائله.
واختلف المذهب في الندرة توجد في المعدن على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه فيه الزكاة، والثاني: أن فيه الخمس، والثالث: أنها إن كثرت ففيها الخمس، وإن قلت ففيها الزكاة. والقولان على ما قدمنا من الخلاف في الركاز.