وقد سمى الله تعالى في كتابه الفقراء والمساكين، وقد اختلف في المذهب هل هما اسمان لمسمى واحد أو لمسميين مفترقين (?) في المعنى، في المذهب في ذلك قولان. والجمهور على أنهما مختلفان في المعنى. ويشهد لهذا أن الله تعالى ذكرهما بواو العطف. فلولا اختلاف معناهما لم يكن للتكرار معنى. وإذا قلنا إنهما مختلفان فإلى أي شيء يرجع الخلاف؟ هاهنا طريقان: أحدهما: أنه يرجع إلى شدة الحاجة وضعفها. لكن اختلف هؤلاء أيهم أشد حاجة؟ هل المسكين لأنه مأخوذ من سكون الحركة، وهذه الحالة (?) إنما تكون مع الموت، [أو الفقير (?) الذي لا وجدان معه حتى يكون مشبهًا بالميت] (?)، ويحتج هؤلاء بقول القائل:
أما الفقير الذي (?) كانت حلوبته ... وفق العيال ولم يترك له سبد (?)
وقد أخبر بكونه فقيرًا وأن له حلوبة.
أو الفقير مأخوذ من فقار الظهر ومعناه أنه انكسر فقاره. ومن وصل إلى تلك الحال فلا يحيى. ويحتج هؤلاء بقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (?) فسماهم مساكين وأخبر أن لهم سفينة. واعتذر الأولون عن قول الشاعر بأن الفقر مختلف فله بداية ونهاية ولذلك لم يذكر مطلقًا، وإنما ذكره مضافًا إلى المعنى (?) الذي وصفه به. واعتذر الآخرون