وهو في اللغة: اللزوم مطلقاً، وفي الشرع: لزوم العبادات المختصة (?) بالإنسان في الأماكن المختصة بالعبادات. وهو ثابت في شرعنا بقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (?). وقد كان في شرع من قبلنا، دليله قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (?). وقد وقع لمالك رحمه الله ما ظاهره الكراهة له، وعلل بأحد الوجهين: إما لأنه من الرهبانية التي نهت عنها الشريعة، والظاهر بطلان هذا التعليل لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتكف واعتكف جماعة من السلف. وإما لأنه عبادة شاقة قد يعجز عنها الداخل فيها فيؤدي إلى قطعها وإبطالها بعد التزامها، فيلحقه الذم كما لحق مبتدع الرهبانية، لقوله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (?).
فإذا تقررت هذه المقدمة قلنا بعدها: النظر في هذا الكتاب ينحصر في فصلين: أحدهما: أركان الاعتكاف وشروطه. والثاني: مفسداته.
...