وكرِه مالك رحمه الله توقيت منذور من صيام أو غيره، وهذا إن كان لأمر يرجوه المكلَّف أو يخافه، ففي الحديث النهي عن ذلك. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يستخرج ذلك من البخيل" (?) معناه: أن هذه الأشياء تكون كالمعاوضة، وأن المكلَّف إذا فعل منها فعلًا استحق أن يعاوض (?) عنها بمطلوبه. والله تعالى يجلُّ عن الأعواض والانتفاع بالعبادات. وإن كان النذر لغير ذلك فكراهيته لئلا يأتي وقت العبادة في زمان يشق على الإنسان أداؤها فيه، فيأتيها مسخطًا أو مكرهًا، فيكون حينئذ إلى العقوبة أقرب منها إلى المثوبة (?). لكن من نذر [من ذلك] (?) شيئًا فعليه الوفاء بنذره لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" (?). وهذا إذا نذر ما يكون طاعة ويصح انعقاده. ومثاله في الصوم أن ينذر صيام يوم قدوم فلان فيقدم ليلًا، فإنه [يصح صيامه] (?) صبيحة تلك الليلة. وإن قدم نهارًا فلا يصح انعقاد الصوم لذلك اليوم عندنا. وهل عليه قضاؤه؟ في المذهب قولان، وهما على الخلاف في القصد هل يتعلق باليوم بعينه فلا يكون عليه القضاء، أو يتعلق بوجوب صوم يوم شكرًا لله تعالى؟ فإن صحَّ صوم يوم القدوم صامه، وإلا صام يومًا مكانه. ولو قدم في الأيام الممنوع صومها كيومي العيدين؛ فالمنصوص نفي القضاء. وخرَّجه أبو الحسن اللخمي على الخلاف، وهو بيِّن على ما علَّلناه.