فلما بلغ الكَدِيدَ أفطر، فقال الراوي: "كان الناس يأخذون بالأحدث فالأحدث من فعله - صلى الله عليه وسلم -" (?) [فتعلق من رأى أن الصوم أفضل بأنه ابتدأ [به] (?)، ومن عكس فلأنه يرجع (?) إليه، وقال الراوي ما قال. وهو دليل على أنهم فهموا ترك الصوم والانتقال إلى أن الأولى الفطر. لكن في بعض الطرق أنه - صلى الله عليه وسلم -] (?) إنما أمرهم بذلك فأفطر ليقتدوا به وقصد التقوي على لقاء العدو (?). وهذا يشعر بأن الصوم أفضل، لكنه تركه (?) لهذه العلة، والحديث متنازع فيه على أي المذهبين يدلّ كما بيَّناه.
ومن قال بالتخيير احتج بما قال - صلى الله عليه وسلم - من تخيير السائل وقد تقدم وبما حكى أنس عن الصحابة رضي الله عنهم من انقسامهم إلى الصائم والمفطر كما تقدم، ولم يعب بعضهم بعضاً. ومثل هذا لا يكاد يخفى عنه - صلى الله عليه وسلم - من فعلهم، وإقرارُه دليل على الجواز. ويحتج للمشهور أيضًا بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (?). لكن قد قدمنا الخلاف، هل كان صوم رمضان أولاً لازمًا فلا بد، أو يجوز للقادر عليه أن يفطر ويفتدي؟ فعلى القول بلزوم الصوم يكون في الآية حجة، وعلى القول بالتخيير بينه وبين الفدية