أنه حكى (?) اختلاف أصحابنا في غسل الجمعة فقال بعضهم: سنة مؤكدة لا يجوز تركها إلا بعذر، وقال بعضهم: مستحب. وعوَّل على أن المذهب مختلف في وجوبه، أخذا من حكاية أبي جعفر هذه (?). وليست صريحة في الوجوب كما ظنه، بل ظاهرها على غير الوجوب. وإنما يؤخذ من هذا أن المذهب على قولين: أحدهما: أن الغسل سنة، والثاني: مستحب. وهكذا قال أبو الحسن اللخمي في كتاب الطهارة. وقد يقال: إن ما حكاه أبو جعفر يقتضي الوجوب. وقوله: سنة، أي مما علم (?) وجوبه بالسنة، كقول سحنون (?) إن الوضوء من البول سنة، يريد: مما علم وجوبه بالسنة، وليس من قبل المندوبات. ولا شك أن ذلك محتمل، لكن الأظهر الأول. وإنما خرج فقهاء الأمصار عن ظواهر تلك (?) الألفاظ المتقدمة المقتضية للوجوب بما ثبت من قوله عليه السلام في الجمعة:"لَوِ اغْتَسَلْتُمْ" (?). وهذا لفظ يشعر بنفي الوجوب، إذ لا يقال في الواجب لو فعلت. ولقوله عليه السلام:"مَنْ تَوَضأَ لِلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ" (?). وهذا نص صريح في إسقاط الوجوب، وهو أيضاً يقصده القائل بالاستحباب. وبما ثبت من قول عمر رضي الله عنه للداخل وهو يخطب "أي ساعة هذه؟ فقال ما زدت على أن توضأت، فقال عمر رضي الله عنه: