وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه متى صلى في غير الجدار ركزت له الحربة [أو العنزة] (?) فيصلي إليها. وكان يصلي إلى بعيره (?). ونهى عن المرور بين يدي المصلي، وقال: "لَوْ يَعلَمُ المار بَينَ يَدَي المُصَلِّي مَاذَا عَلَيهِ لَكَانَ أن يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْراً لَه" (?). وشك الراوي هلَ أراد أربعين سنة، أو أربعين يوماً، أو أربعين شهراً. فأمر بدفع من يمر بين يدي المصلي، وقال: "فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلهُ فَإنمَّا هُوَ شَيطَان" (?). واختلف في معنى المقاتلة هاهنا فقيل: هي على ظاهرها، والمراد أوائلها وهو الدفع بعنف ما لم يؤد إلى العمل الكثير في الصلاة. وقيل: معناه اللعنة، وهو المراد بقوله تعالى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (?). أي يلعنهم الله.
فإذا ثبت ذلك فالنظر في السترة ينحصر في أربعة فصول: أحدها: من يؤمر بها؟ وما المقدار المجزي عنها؟ وكيف صورة الاستتار فيها؟ وحكم المصلي والمار في الإثم والدفع [عن المرور] (?).
(من يُؤمر بها؟)
وأما من يؤمر بها فكل مصل في موضع لا يأمن المرور بين يديه إذا كان فذاً أو إماماً، فإن أمن المرور ففي المذهب قولان: المشهور أنه لا يؤمر بالسترة إلا أن يشاء، والشاذ أمره بها.
وسبب الخلاف هل جعلت السترة حريما للمصلي حتى يقف عندها