وسبب الخلاف اختلافهم هل أنزلت الشريعة الصلاة منزلة الشهادتين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَشْهَدُوا أن لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَأَن مُحَمدًا رَسُولُ اللهِ وَيُقِيمُوا الصلاَةَ" الحديث (?)، فقد ساوى بين الشهادتين والصلاة. لكن بين الأصوليين خلاف في الواو هل يقتضي الاشتراك (?) في الحكم كما يقتضيه في الإعراب أم لا؟ وإذا حكمنا بإسلامه وتمادى عليه، فهل يعيد من صلى خلفه؟ قولان: الإعادة لأنه يمكن أن يبتدئ الإيمان في ساعته بعد أن يصلي عبثاً (?)، وترك الإعادة لأن الصلاة علم على الإيمان كالشهادتين وقد أقر بأنه مسلم.
وإن كان بدعة، فقد اختلف الأصوليون في معتقد البدعة كالخوارج والمعتزلة؛ فللقاضي (?) في تكفيرهم قولان. وكذلك اختلف قول الفقهاء؛ فعن مالك في ذلك روايتان، ومثلهما عن الشافعي. وقال أبو إسحاق التونسي وغيره من متأخري أهل المذهب: سبب الخلاف هل يكفرون بما آل القول إليه أم لا؟ ومعنى ذلك: أن المعتزلة والخوارج متفقون على نفي الصفات المعنوية في حق الباري؛ فينكرون كون الباري سبحانه عالماً بعلم وقادراً بقدرة إلى غير ذلك من الصفات. إلا أنهم لا ينكرون أنه عالم ولا قادر ولا حي ولا مريد. فمن رأى إنكارهم أن يكون عالماً يؤدي إلى نفي العلم عنه جملة، [وقوَّلهم] (?) أما يؤدي إليه مبدأ أقوالهم كَفَّرهم. ومن لم