كما أن النزعة الصوفية عرفت تطورًا ملحوظًا وتقلبًا لم يكن يرضي كثيرًا من العلماء فقد انتقلت من زهد سني مقبول، إلى كشف (?) وتجل، ثم حلول واتحاد (?)، وأخيرًا وحدة وجود (?).

وبالنسبة للفقه فإنه يتميز في هذه الفترة بانقراض الاجتهاد المطلق الذي يتسم أصحابه بالاستقلال التام في الأصول والفروع، واقتصر الناس على المذاهب الأربعة المعروفة التي كانت موجودة في المشرق الإسلامي على تفاوت بينها في الانتشار. فأخلدوا إلى تقليد هذه المذاهب. واهتموا بتهذيبها وتوثيقها وتحرير أقوال أئمتها وتوجيهها والاستدلال لها والتخريج عليها وتأصيل أصولها وبناء فروعها. وأحيانًا معاداة مخالفيها والذود عنها بالتأليف والمناظرة والتدريس، والتزام القضاة والمفتين بها وعدم الخروج عن قواعدها.

وقد كان أكثر هذه المذاهب انتشارًا في الشرق في هذه الفترة المذهب الشافعي وذلك بسبب تبني بعض قادة السلاجقة له، وخاصة الوزير نظام الملك ت 485 (?)، الذي لم يأل جهدًا في خدمة العلم والعلماء عن طريق المذهب الشافعي. فبنى عدة مدارس فاخرة، وجلب كبار العلماء وأحاطهم بالرعاية والتكريم والتبجيل. فكثر خريجو هذه المدارس، وانتشروا في سائر الأقطار، وتولوا أهم المناصب الإدارية، مما جعل نفوس كثير من العلماء تهفو إلى الانتماء للمذهب الشافعي، وأذكر منهم على سبيل المثال أبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015