وأما العظام فهي عند مالك بمنزلة اللحوم فمتى كان اللحم طاهراً حكمنا للعظام بذلك، ومتى كان اللحم نجساً حكمنا للعظام بها، لأنها مما تحلّه الحياة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (?) والظاهر إضافة الحياة [إلى نفس العظام] (?). لكن في الآية {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} (?) فأضاف الحياة إلى الدار الآخرة والإنشاء إلى دار الدنيا. والإنشاء تركيب لا إحياء لكن اجتمعت الأمة على أن العودة في حلول الحياة كالبداية، فيكون معنى إنشائها هنا إحياءَها. والبلاغة تقتضي تغيير اللفظ وإن اتحد المعنى. وقال المتأخرون من أهل المذهب ينبغي أن تكون أطراف الأظلاف وأطراف القرون كالشعور؛ لأنها لا تحلها الحياة.
وأما الريش فما اتصل من أصله بالجسم فهو كالعظم لأنه تحله الحياة. وما لم يتصل بذلك من أطرافه (?) فهو كالشعور.
واختلف المذهب في استعمال ناب الفيل والتجر فيه على ثلاثة أقوال؛ مذهب: أنه لا يستعمل ولا يتجر به، وهو المشهور من المذهب، والثاني: أنه يتجر به ويستعمل، قاله عبد الملك (?)، والثالث: أنه إن سلق جاز استعماله، قاله مطرف (?)، وهذا خلافُ هل تحله الحياة أم لا؟ وكأن من اشترط سلقه بناء على أنه تحله الحياة لأن السلق عنده كالدباغ. وهذا حكم الحيوانات وأجزائها وما يتصل بها.