6 - اختصار عبارته مع وفائها بالمقصود، فهي ليست بالطويلة المملة، ولا بالموجزة المخلة.
7 - الكتاب عبارة عن دعوة للاجتهاد والترفع عن التقليد، وتنظير ذلك ورسم معالمه.
وبالنسبة للاعتبار الثاني وهو الراجع إلى المؤلِف، فيمكن حصره في نقطتين رئيستين:
الأولى: إذا نظرنا إلى تراث هذه الأمة فإننا نجد أن تراثها، أخصب تراث وأغزره وأغدقه، تعاقبت عليه أيادي الأجيال فأحكمت بنيانه ووطدت أركانه وصيرته سلس المطلب داني الملتمس، إلا أن هؤلاء الأئمة الذين ساهموا في بناء صرح هذا التراث العظيم، لا زال الكثير منهم في قوائم الإغفال وزوايا الإهمال، طويت ذكراهم وراحت مع أدراج النسيان.
وهذا لا ينسجم مع أخلاق الحب والوفاء، والاعتراف بالجميل لأهله. فهؤلاء لهم دين علينا وفضل يطوّق أعناقنا، ومن الواجب علينا الوفاء بهذا الدين، والاعتراف بذلك الفضل، وإن أقل ما يفعل في حقهم بعد الدعاء لهم هو إخراج كتبهم والتعريف بأشخاصهم وتخليد ذكراهم، وإذاعة فضلهم ليكون لهم "لسان صدق في الآخرين".
الثانية: إن ابن بشير لم يكن فقيهًا عاديًا بل يعد من أشهر الأعلام الذين أنجبتهم المدرسة المالكية. فقد آتاه الله عقلًا نقادًا وذهنًا وقادًا وقدرة على التحليل والتعليل، ولا غرو في ذلك فقد شب إمامنا في بيئة علمية رضع من ألبانها وتزود من ثمارها، أعني البيئة الإفريقية التي كانت إلى حدود زمن ابن بشير قيّمة على الحياة الفكرية والثقافية ببلاد المغرب، ولعل هذا ما أهله للانضمام إلى المدرسة النقدية التي أسسها أبو الحسن اللخمي فتعاطى للنقد وهو أعلى درجات الإمامة بل تصدى لانتقاد إمام المدرسة نفسه.
فيما يخص خطة البحث فقد اقتضى النظر أن تكون من شقين: شق يتعلق بالدراسة وشق يتعلق بالتحقيق.