فَتًى قُدَّ قَدَّ السيف لا مُتَضائلٌ ... ولا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبآدِلُهْ
وهي أبيات؛ فيها:
كَرِيمٌ إذا لاقيتَهُ مُتَبَسِّما ... وإمَّا تَوَلَّى أشعثُ الرأس جافلُهْ
وفسره أبو علي - رحمه الله - فقال: الجافل: الذاهب؛ وهذا تفسير لا يسوغ في هذا البيت ولا يجوز. وأيُّ مدخل للذهاب هاهنا! وإنما الجافل هنا من الجفال وهو الشعر الكثير؛ وهكذا رواه أبو علي:
كريم إذا لاقيته متبسما
وغيره يرويه:
كريم إذا استقبلته متبسم
وهذه أحسن لفظاً وإعراباً، لأن قوله: " إذا استقبلته " أحسن مطابقة لقوله: " وإما تولى " وكذلك الرفع في قوله: " متبسم " أجود في المعنى؛ لأنك إذا نصبته أوجبت أنه لا يكون كريما إلا في حين تبسمه، وإذا رفعت فهو كريم متبسم متى ما استقبلته أو لاقيته.
* * * وفي " ص 87 س 5 " وأنشد أبو علي - رحمه الله - لأبي كبير:
لقد وَرَدْتُ الماءَ لم يَشْرَبْ به ... بَيْنَ الرَّبيع إلى شُهُورِ الصَّيِّفِ
إلاّ عَوَاسِرُ كالمِرَاط مُعِيدةٌ ... بالليل مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
هكذا أنشده: " ولقد وردت " بضم التاء؛ وإنما هو: " لقد وردت " بفتحها يخاطب رجلا من قومه رثاه. وقبل البيت:
أُزَهَيْرُ إنَّ أخاً لنا ذا مِرَّةِ ... جَلْدَ القُوَى في كلِّ ساعةِ مَحْرَفِ