وَبِذِكْرِ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ وَرَدَتِ الْآثَارُ فِي كَرَاهِيَةِ النَّبِيذِ فِيهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَيَانِ الِانْتِبَاذَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بِحَالٍ لِمَا رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّهْيِ عنها إن وَعَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ الْجَرُّ كُلُّ مَا يُصْنَعُ مِنْ مَدَرٍ وَكَانَا لَا يُجِيزَانِ النَّبِيذَ إِلَّا فِي الْجُلُودِ بَعْضُهُمْ يقول اسقية الادم وبعضهم يقول الجلد المؤكأ عَلَيْهِ وَنَحْوُ هَذَا وَابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الشُّرْبِ فِي الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنِ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ قَالَ فَصَبُّوا عَلَيْهِ الْمَاءَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ اهْرِقُوهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ مُوَاقَعَةِ الْحَرَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَوَاجِبٌ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهِيَةُ بَاقِيَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ لأن الخشية أبدا غير مُرْتَفِعَةٌ وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَبِذُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ كَشْفًا عَنِ الْمُرَادِ لَا أَنَّهُ نَسْخٌ أَبَاحَ فِيهِ مَا حَرَّمَ قَبْلُ هَذَا مَا يَحْضُرُنِي مِنَ التَّأْوِيلِ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ