الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُ السَّائِبَةُ لَمْ يُعْتِقْهُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا كَانَ وَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَاؤُهُ فِي الْمَنْبُوذِ قَالُوا فَقَامَ الصَّغِيرُ مَقَامَهُ لِنَفْسِهِ لَوْ مَيَّزَ مَوْضِعَ الِاخْتِيَارِ لَهَا وَالدَّفْعِ عَنْهَا فَجَازَ بِذَلِكَ لِلْكَبِيرِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يُجِيزُونَ عِتْقَ السَّائِبَةِ وَيَجْعَلُونَ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ وَحُجَّتُهُمْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ فِي زَعْمِ الْمُحْتَجِّ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً فَقَدْ أَعْتَقَهُ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلِذَلِكَ صَارَ الْوَلَاءُ لَهُمْ قَالُوا وَإِنَّمَا يكون الولاء لمن اعتق إذا عن نفسه فهذا ما احتج به اسمعيل وَغَيْرُهُ فِي عِتْقِ السَّائِبَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا مَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَهُوَ يَرِثُهُ دُونَ النَّاسِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَبِهِ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَنَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِغَيْرِ مُعْتِقٍ وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ