فَصَارَ غَسْلُهَا بَدَلًا مِنَ الْبَشَرَةِ وَمَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ تَحْتَهُ مَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ فَيَكُونُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بَدَلًا مِنْهُ كَمَا أَنَّ جِلْدَ الرَّأْسِ مَأْمُورٌ بِمَسْحِهِ فَلَمَّا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ نَابَ مَسْحُ الشَّعْرِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ بَدَلٌ مِنَ الرَّأْسِ الْبَاطِنِ تَحْتَهُ وَمَا انْسَدَلَ مِنَ الرَّأْسِ وَسَقَطَ فَلَيْسَ تَحْتَهُ بَشَرَةٌ يَلْزَمُ مَسْحُهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّأْسَ سُمِّيَ رَأْسًا لِعُلُوِّهِ وَنَبَاتِ الشَّعْرِ فِيهِ وَمَا سَقَطَ من شعره واسندل فَلَيْسَ بِرَأْسٍ فَكَذَلِكَ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ فَلَيْسَ بِوَجْهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ كَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ والله المتسعان وَأَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْأَفْضَلَ أن يغسل اليمنى قبل اليسرى وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فِي وُضُوئِهِ وَانْتِعَالِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ غَسَلَ يُسْرَى يَدَيْهِ قَبْلَ يُمْنَاهُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا لَا تُبَالِي بِأَيِّ يَدَيْكَ بَدَأْتَ وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى سَأَلْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ إِجَالَةِ الْخَاتَمِ عِنْدَ الْوُضُوءِ فَقَالَ إِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَأْجِلْهُ وَإِنْ كَانَ سَلِسًا فَأَقِرَّهُ وَأَمَّا إِدْخَالُ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْغَسْلِ فَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا زُفَرَ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الْمَرَافِقِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ أَيْضًا وَمِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ غَسْلِ الْمَرْفَقَيْنِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلَهُمَا حَمَلَ قَوْلَهُ عز وجل فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرفق على أن إلى ههنا غَايَةٌ وَأَنَّ الْمِرْفَقَيْنِ غَيْرُ دَاخِلَيْنَ فِي الْغَسْلِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ كَمَا لَا يَجِبُ دُخُولُ اللَّيْلِ فِي الصِّيَامِ لِقَوْلِهِ عِزَّ