الزَّمَنِ الَّذِي الْأَغْلَبُ مِنْهُ عَدَمُ السَّلَامَةِ فِيهِ وَالْعَطَبُ وَالْهَلَاكُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ رُكُوبُهُ فِي زَمَانٍ تَكُونُ السَّلَامَةُ فِيهِ الْأَغْلَبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَدَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ فِي إِبَاحَةِ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِذَا كَانَ كَمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَتَرْكِ التَّغْرِيرِ بِالْمُهَجِ فِي طَلَبِ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا جَازَ رُكُوبُ الْبَحْرِ فِي الْجِهَادِ وَطَلَبِ الْمَعِيشَةِ فَرُكُوبُهُ لِلْحَجِّ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ أَجْوَزُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَسَهُلَ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ مَا يَبِينُ لِي أَنْ أُوجِبَ الْحَجَّ عَلَى مَنْ وَرَاءَ الْبَحْرِ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ اسْتِطَاعَتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِنَ اللُّصُوصِ وَالْفِتَنِ مَا يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَيَخَافُ مِنْهُ فِي الْأَغْلَبِ ذَهَابَ الْمُهْجَةِ وَالْمَالِ فَلَيْسَ مِمَّنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَكَذَلِكَ أَهْوَالُ الْبَحْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ