فأما مالك رحمه الله (فإنه) (أ) قَالَ فِي مُوَطَّئِهِ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ فِي تَخْرِيجِ وُجُوهِ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ دَفَعَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا يَصِحُّ فِيهِ الْعَمَلُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقَعُ مُتَوَاتِرًا وَلَا يَقَعُ نَادِرًا فَيُجْهَلَ فَإِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وِرَاثَةً بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا تَوْقِيفٌ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْأَقْوَى أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ دَعْوَى إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَابْنَ شِهَابٍ وَهُمَا أَجَلُّ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رُوِيَ عَنْهُمَا مَنْصُوصًا (الْعَمَلُ بِهِ) وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نَصًّا تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ إِلَّا عَنْ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ رَبِيعَةَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي عَصْرِ مالك