وَأَمَّا الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَمُخْتَلِفَةُ الْأَلْفَاظِ مُتَّفِقَةُ الْمَعَانِي مُتَقَارِبَةُ الْحُكْمِ بَعْضُهَا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُطْعَمَ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُزْهِيَ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تَحْمَرَّ وَتَصْفَرَّ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُشَقِّحَ ومعنى تشقح عندهم تحمر أو تصفر ويوكل منها وفي بعضها طلوع الثريا وهي كلها آثار ثَابِتَةٌ مَحْفُوظَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ جَمِيعَ الثِّمَارِ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى تَمْرِ النَّخْلِ وَأَنَّهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَطَابَ أَوَّلُهُ حَلَّ بَيْعُهُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْحَائِطِ إِذَا أَزْهَى غَيْرُهُ قُرْبَهُ وَلَمْ يُزْهِ هُوَ هَلْ يَحِلُّ بَيْعُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ عَنْهُ أَشْهَرُ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ الزَّمَنَ إِذَا جَاءَ مِنْهُ مَا يُؤْمَنُ مَعَهُ عَلَى الثِّمَارِ الْعَاهَةُ وَبَدَا صَلَاحُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ مِنْهَا جَازَ بَيْعُ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ حَيْثُ كَانَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَكَانَ يَلْزَمُ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَائِطِ إِذَا تَأَخَّرَ إِبَارُهُ وَأُبِرَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ رَاعَى الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ دُونَ الْحَائِطِ وَرَاعَى فِي بَيْعِ الثِّمَارِ الْحَائِطَ بنفسه وهو أمر متقارب ولكل وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَجْهٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ لِمَنْ تَدَبَّرَهَا وَذَلِكَ وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فيه