وَقَالَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَسْنَا نَقُولُ إِنَّ الْمُرْسَلَ أَوْلَى مِنَ الْمُسْنَدِ وَلَكِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْحُجَّةِ وَالِاسْتِعْمَالِ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ السَّلَفَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَرْسَلُوا وَوَصَلُوا وَأَسْنَدُوا فَلَمْ يَعِبْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ أَسْنَدَ لَمْ يَخْلُ مِنَ الْإِرْسَالِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُمْ دِينًا وَحَقًّا مَا اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ لِأَنَّا وَجَدْنَا التَّابِعِينَ إِذَا سُئِلُوا عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ وَكَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَذَا وَقَالَ عُمَرُ كَذَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَمَلًا وَلَا يُعَدُّ عِلْمًا عِنْدَهُمْ لَمَا قَنِعَ بِهِ الْعَالِمُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا رَضِيَ بِهِ مِنْهُ السَّائِلُ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو الْفَرَجِ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْأَبْهَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَزَعَمَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ التَّابِعِينَ بِأَسْرِهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى قبول المرسل ولم عَنْهُمْ إِنْكَارُهُ وَلَا عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ إِلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ أَبَى مِنْ قَبُولِ الْمُرْسَلِ