السَّلَامَةَ مِنَ الزَّلَلِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ بِرَحْمَتِهِ وَقَدْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ قَوْمٌ لَا يَتَطَيَّرُونَ ولَا يَرَوْنَ الطِّيَرَةَ شَيْئًا ذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ النَّابِغَةَ خَرَجَ مَعَ زَيَّانَ بْنِ سَيَّارٍ يُرِيدَانِ الْغَزْوَ فَبَيْنَمَا هُمَا فِي مَنْهَلٍ يُرِيدَانِ الرِّحْلَةَ إِذْ نَظَرَ النَّابِغَةُ فَإِذَا عَلَى ثَوْبِهِ جَرَادَةٌ فَقَالَ جَرَادَةٌ تُجَرِّدُ وَذَاتُ أَلْوَانٍ فَتَطَيَّرَ وَقَالَ لَا أَذْهَبُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَنَهَضَ زَيَّانُ فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ تِلْكَ الْغَزْوَةِ سَالِمًا غَانِمًا أَنْشَأَ يَقُولُ ... تَخَبَّرَ طَيْرَةً فِيهَا زِيَادٌ ... لِتُخْبِرَهُ وَمَا فِيهَا خَبِيرُ ... ... أَقَامَ كَأَنَّ لُقْمَانَ بْنَ عَادٍ ... أَشَارَ لَهُ بِحِكْمَتِهِ مُشِيرُ ... ... تَعَلَّمْ أَنَّهُ لَا طَيْرَ إِلَّا ... عَلَى مُتَطَيِّرٍ وَهُوَ الثُّبُورُ ... ... بَلَى شَيْءٌ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ ... أحَايِينًا وَبَاطِلُهُ كَثِيرُ ... هَذَا زَيَّانُ بْنُ سَيَّارٍ وَهُوَ أَحَدُ دُهَاةِ الْعَرَبِ وَسَادَاتِهِمْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ شَيْئًا وَقَالَ إِنَّهُ اتِّفَاقٌ وَبَاطِلُهُ كَثِيرٌ وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى الطِّيَرَةَ شَيْئًا مِنَ الْعَرَبِ وَيُوصِي بتركها الحرث بْنُ حِلِّزَةَ وَذَلِكَ مِنْ صَحِيحِ قَوْلِهِ وَيَقُولُونَ إِنَّ مَا عَدَا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مِنْ شِعْرِهِ (هَذَا) فَهُوَ مَصْنُوعٌ ... يَا أَيُّهَا الْمُزْمِعُ ثُمَّ انْثَنَى ... لَا يُثْنِكَ الْحَازِي وَلَا السَّاحِجُ ... ... وَلَا قَعِيدٌ أَعْضَبَ قَرْنَهُ ... هَاجَ لَهُ مِنْ مَرْتَعٍ هَائِجُ ... ... بَيْنَا الْفَتَى يَسْعَى وَيُسْعَى لَهُ ... تَاحَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ خَالِجُ