وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَقَدْ أَشْكَلَ مَعْنَاهُ قَدِيمًا عَلَى الْعُلَمَاءِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الحلال وأن الزنى لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي التَّحْرِيمِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالتَّنَزُّهِ فَإِنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ مِنْ رُؤْيَةِ أَخِيهَا هَذَا قَوْلُ (أَصْحَابِ) الشَّافِعِيِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِقَطْعِ الذَّرِيعَةِ بَعْدَ حُكْمِهِ بِالظَّاهِرِ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِحُكْمَيْنِ حُكْمٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَحُكْمٌ بَاطِنٌ وَهُوَ الِاحْتِجَابُ مِنْ أَجْلِ الشُّبْهَةِ كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ يَا سَوْدَةُ إِلَّا فِي حُكْمِ اللَّهِ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ (فَاحْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ لِعُتْبَةَ) قَالَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَضَارَعَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فذهبوا إلى أن الزنى يُحَرِّمُ وَأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حُكْمًا بَاطِنًا أَوْجَبَ الْحِجَابَ وَالْحُكْمُ الظَّاهِرُ لِحَاقُ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ بِالْفِرَاشِ وَقَدْ وَافَقَهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ في (أن) الزنى يُحَرِّمُ مِنْ نِكَاحِ الْأُمِّ وَالِابْنَةِ مَا يُحَرِّمُ النِّكَاحُ خِلَافَ الْمُوَطَّأِ وَقَدْ قَالَ الْمُزَنِيُّ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سُئِلَ الْمُزَنِيُّ عَنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ حِينَ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي