صَدَقَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِذَلِكَ قَضَاهُ وبريء إِلَيْهِ مِنْهُ وَلَا حُجَّةَ لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ نَصَرَ مَذْهَبَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنْ قَالَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الَّذِي اسْتَقْرَضَ مِنْهُ الْبِكْرَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم غير بعيره بمقدار حاجته وجمع في ذلك وضع الصَّدَقَةِ فِي مَوْضِعِهَا وَحُسْنَ الْقَضَاءِ قَالَ وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَسْلِفَ الْإِمَامُ لِلْفُقَرَاءِ وَيَقْضِيَ مِنْ سَهْمِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ لِمَا يَرَاهُ مِنَ النَّظَرِ والصلاح إذا كان ذلك من غير شرط وَلَا مَنْفَعَةَ تَعْجِيلٍ ثُمَّ نَعُودُ إِلَى الْقَوْلِ فِي مَعْنَى الِاسْتِسْلَافِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَنَقُولُ إِنْ قَالَ قَائِلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِقْرَاضُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَرْضًا عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَقْرَضَ لَهُمْ قِيلَ لَهُ لَمَّا بَطَلَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عل الصَّدَقَةِ لِغِنًى وَأَنْ لَا يَسْتَقْرِضَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَقْرَضَهَا لِأَهْلِهَا وَهُمُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دليل على أنه جائز لأمام إِذَا اسْتَقْرَضَ لِلْمَسَاكِينِ أَنْ يَرُدَّ مِنْ مَالِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالصَّلَاحِ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَوَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ وَالْمَصْلَحَةُ مَعْلُومٌ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ تَعْجِيلِ مَا أَخَذَهُ لِشِدَّةِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ إِلَيْهِ أَضْعَافُ مَا يَلْحَقُهُمْ فِي رَدِّ الْأَفْضَلِ لِأَنَّ مَيْلَ النَّاسِ إِلَى الْعَاجِلِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَكَيْفَ نُعْطِيهِ أَكْثَرَ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُ وَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لِغَنِيِّ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّهُ جَائِزٌ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْهُ قَدْ ذَهَبَتْ إِبِلُهُ بِنَوْعٍ مِنْ جَوَائِحِ الدُّنْيَا وَكَانَ فِي وَقْتِ صَرْفِ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِلَيْهِ فَقِيرًا