وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي ظَاهِرِهَا حُجَّةٌ لِلْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِهِ فِيهَا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا صَحِيحٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ (وَمَعْنَاهُ) فَقَالَ عُلَمَاءُ الْحِجَازِ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ هَذِهِ جُمْلَةُ قَوْلِهِمْ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ كُلُّ صَلَاةِ فريضة أو نافلة او جنازة فلا تصلي ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَلَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَخُصَّ نَافِلَةً مِنْ فَرِيضَةٍ إِلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَقَدْ مَضَى الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ مُمَهَّدًا مبسوطا بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ إن شاء الله ونذكر ها هنا أَقَاوِيلَ الْفُقَهَاءِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ لِأَنَّهُ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِمَا فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَلَا بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِالصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ لَا أَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إِذَا اسْتَوَتِ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ لَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا فِي غيره