. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQللشخص ما يكون أعظم أسباب الخير له. فليست العبرة باحتقار الناس، ولا بكلامهم، ولا بإيذائهم، ولا بتصنيفهم للناس، بل العبرة بحقيقة الأمر بما عند الله - جل جلاله - فالواجب على العباد جميعا أن يعظموا الله، وأن يخبتوا إليه، وأن يظنوا أنهم أسوأ الخلق، حتى يقوم في قلوبهم أنهم أعظم حاجة إلى الله - جل وعلا - وأنهم لم يوفوا الله حقه، أما التعاظم في النفس، والتعاظم بالكلام والمدح والثناء ونحو ذلك، فليس من صنيع المجلين لله - جل وعلا - الخائفين من تقلب القلوب، فالله - جل وعلا - يقلب القلوب، ويصرفها كيف يشاء، فالقلب المخبت المنيب يحذر ويخاف دائما من أن يتقلب قلبه، فينتبه للفظه، وينتبه للحظه، وينتبه لسمعه، وينتبه لحركاته، لعل الله - جل وعلا - أن يميته غير مفتون ولا مخزي.
الشرح: «لا يستشفع» : يعني: لا يجعل الله شفيعا على الخلق؛ لأن شأن الله - جل وعلا - أعظم وأجل من أن يستشفع به، ويجعل واسطة للانتفاع من أحد من الخلق، فالشفاعة المعروفة: أن تأتى إلى أحد، وتطلب أن يكون شفيعا عند آخر؛ لأن ذلك الآخر هو الذي يملك ما تريد والنفع عنده، وهذا يكون واسطة، ولا يستطيع أن ينفعك هو بنفسه إلا بأن يتوسط. والله - جل جلاله - لا يجوز أن يظن به ذلك الظن، لأنه ظن سوء بالله - جل جلاله - فالله - سبحانه - لا يصلح أن يجعل واسطة لأحد، أو إلى أحد من الخلق أو على أحد من الخلق، بل هو - جل وعلا - الذي يملك الأمور جميعا، فالاستشفاع بالله على الخلق يعني أن يجعل الله واسطة يتوسط العبد بربه على أحد من الخلق، وهذا مناف لكمال التوحيد، وعمل وقول من الأقوال المنافية لتعظيم الله - جل وعلا - التعظيم الواجب؛ ولهذا ذكر الشيخ - رحمه الله - حديث جبير بن مطعم، والشاهد منه قول الأعرابي للنبي عليه الصلاة والسلام: «فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله» يعني: نستشفع بالله نجعل الله - جل وعلا - واسطة يتوسط لنا عندك حتى تدعو، والله - جل وعلا - هو الملك الحي القيوم، الملك الحق المبين، نواصي العباد بيديه، يصرفها كيف يشاء، فشأن الله أعظم من أن يستشفع به على أحد من خلقه، بل الرجل أو المكلف يستشفع بأحد من الخلق عند مخلوق آخر يحتاجه في شيء، والله - جل وعلا - هو الذي يملك الأشياء جميعا، بيده الملك والملكوت، وهو الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وبيده خزائن