. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوإذا كان كذلك، فيقع في الخوف من الشرك مَنْ هم على غير التوحيد، كمَنْ يعبدون غير الله، ويستغيثون بغير الله، ويتوجهون إلى غيره، ويذبحون وينذرون لغيره، ويحبون غير الله محبة العبادة، ويرجون غير الله رجاء العبادة، ويخافون خوف السر من غير الله، إلى غير ذلك من ألوان الشرك، فيكون هؤلاء أولى بالخوف من الشرك؛ لأنهم وقعوا فيما اتُّفِقَ عليه: أنه لا يغفر. كما يقع في الخوف من الشرك أهل الإسلام الذين قد يقعون في بعض أنواع الشرك الخفي، أو الشرك الأصغر بأنواعه، وهم لا يشعرون أو وهم لا يحذرون.
فإذا علم العبد المسلم أن الشرك بأنواعه لا يغفر، وأنه مؤاخذ به، وأن الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: لا تكفر ذنب الوقوع في الشرك الأصغر، فيجب أن يعظم في قلبه الخوف منه. فإن قيل: فبماذا يغفر إذا؟ فالجواب أنه لا يغفر إلا بالتوبة فقط، فإن لم يتب فثمة الموازنة بين الحسنات والسيئات، ولكن ما ظنكم بسيئة فيها التشريك بالله مع حسنات؟ فمن ينجو من ذلك؟!! لا ريب أنه ينجو إلا من عظمت حسناته، فزادت على سيئة ما وقع فيه من أنواع الشرك. ولا شك أن هذا يوجب الخوف الشديد من الشرك بعامة؛ لأن المرء يكون على خطر عظيم إذ وُزنت حسناته وسيئاته، ثم كان في سيئاته نوع من أنواع الشرك، لأن من المعلوم وأن الشرك بأنواعه من حيث الجنس أعظم من كبائر الأعمال المعروفة.
فوجه الاستدلال من آية النساء وهي قوله - جل وعلا -: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] أن فيها عموما يشمل أنواع الشرك جميعا، وأنها كلها لا تغفر، فيكون ذلك موجبا للخوف من الشرك، وإذا وقع أو حصل الخوف