. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوالمغفرة هي: الستر لما يخاف وقوع أثره ويقال في اللغة: غفر: إذا ستر، ومنه سُمِّي ما يوضع على الرأس مغفرا؛ لأنه يستر الرأس، ويقيه الأثر المكروه من وقع السيف ونحوه، فمادة (المغفرة) راجعة إلى ستر الأثر الذي يخاف منه، والشرك والمعصية لهما أثرهما إما في الدنيا وإما في الآخرة أو فيهما جميعا. وأعظم ما يُمَنُّ به على العبد أن يغفر ذنبه، وذلك بأن يستر عليه، ويُمحي عنه أثره، فلا يؤاخذ به في الدنيا، ولا يعاقب عليه في الآخرة، فلولا المغفرة لهلك الناس.
ومعنى قوله - جل وعلا - في هذه الآية لَا يَغْفِرُ أي: أبدا، فقوله: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] هذا وعيد بأنه - تعالى - لم يجعل مغفرته لمن أشرك به، وقد قال العلماء في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] إن في هذه الآية دليلا على أن المغفرة لا تكون لمن أشرك شركا أكبر، أو أشرك شركا أصغر، فإن الشرك لا يدخل تحت المغفرة، بل يكون بالموازنة، فهو لا يغفر إلا بالتوبة، فمن مات على ذلك غير تائب فهو غير مغفور له ما فعله من الشرك، وقد يغفر الله - تعالى - غير الشرك كما قال {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فجعلوا الآية دليلا على أن الشرك الأكبر والأصغر لا يدخل تحت المشيئة.
وجه الاستدلال من الآية: أن (أن) في قوله - تعالى -: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] موصول حرفي، فتؤول مع الفعل الذي بعدها وهو يشرك بمصدر