. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأن أهل تحقيق التوحيد قليل وليسوا بكثير، ولهذا جاء عددهم في هذا الحديث بأنهم سبعون ألفا، وقد جاء في بعض الروايات عند الإمام أحمد وعند غيره بأن الله - جل وعلا - أعطى النبي صلى الله عليه وسلم مع كل ألف من السبعين سبعين ألفا (?) فيكون العدد قرابة خمسة ملايين من هذه الأمة، فإن كان ذلك الحديث صحيحا - وقد صحح إسناده بعض أهل العلم - فإنه لا يكون للعدد في هذا الحديث مفهوم، أو كان ذلك قبل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يُزاد في عدد أولئك الذين حققوا التوحيد. فإن قيل: ما معنى أن يُزاد في عددهم؟ فالجواب: أن المعنى أن الله - جل وعلا - يَمُنُّ على أناس من هذه الأمة - غير السبعين ألفا - ممن سيأتون بَعْدُ، فيوفقهم لعمل تحقيق التوحيد؛ فالله - جل وعلا - هو الذي يوفق، وهو الذي يهدي، ثم هو الذي يجازي. فما أعظمه من محسن، بَرٍّ، كريم، رحيم.

كل من حقق التوحيد فلا بد أن يخاف من الشرك؛ ولهذا كان سيد المحققين للتوحيد محمد - عليه الصلاة والسلام - يُكثر من الدعاء بأن يبعد عنه الشرك، وكذلك كان إبراهيم - عليه السلام - يكثر من الدعاء؛ لئلا يدركه الشرك، أو عبادة الأصنام.

فمناسبة هذا الباب لما قبله ظاهرة، وهي أن تحقيق التوحيد عند أهله لا بد أن يقترن معه الخوف من الشرك، وقَلَّ من يكون مخاطرا بتوحيده أو غير خائف من الشرك، ويكون مع هذا على مراتب الكمال، بل لا يوجد. فكل محقق للتوحيد، وكل راغب فيه حريص عليه: يخاف من الشرك، وإذا خاف من الشرك فإن الخوف الذي هو فزع القلب وهلعه، يجعل العبد حريصا كل الحرص على البعد عن الشرك والهروب منه والخوف من الشرك يثمر ثمرات منها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015