. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفالحكم بين المتخاصمين لا بد أن يرجع فيه إلى حكم من خلق المتخاصمين، ومن خلق الأرض والسماوات، فالحكم الكوني القدري لله - جل وعلا - وكذلك الحكم الشرعي لله - جل وعلا - فيجب ألا يكون بين العباد إلا تحكيم أمر الله - جل وعلا - فإن ذلك هو حقيقة التوحيد في طاعة الله - جل وعلا - في مسائل التخاصم بين الخلق.
" باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [النساء: 60] [النساء: 60] ": قوله {يَزْعُمُونَ} [النساء: 60] يدل على أنهم كذبة، فلا يجتمع الإيمان مع إرادة الحكم والتحاكم إلى الطاغوت، قوله: (يريدون) هذا ضابط مهم، وشرط في نفي أصل الإيمان عمن تحاكم إلى الطاغوت، فإن من تحاكم إلى الطاغوت قد يكون بإرادته - وهي الطواعية والاختيار والرغبة في ذلك وعدم الكراهة -، وقد يكون بغير إرادته، بأن يكون مجبرا على ذلك، وليس له في ذلك اختيار، وهو كاره لذلك، فالأول هو الذي ينتفي عنه الإيمان، إذ لا يجتمع الإيمان بالله وبما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت، فالإرادة شرط؛ لأن الله - جل وعلا - جعلها في ذلك مساق الشرط، فقال: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء: 60] و {أَنْ يَتَحَاكَمُوا} [النساء: 60] هذا مصدر، يعني: يريدون التحاكم إلى الطاغوت، والطاغوت. اسم لكل ما تجاوز به العبد حده من متبوع، أو معبود، أو مطاع - كما تقدم بيانه -.