. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتوكل على الله وحققه في القلب فقد حقق هذا النوع من توحيد التوكل في النفس، فإن العبد إذا أعظم رجاءه في الله، وأكمل توكله على الله، فإنه وإن كادته السماوات والأرض ومن فيهن فإن الله سيجعل له من أمره يسرا، وسيجعل له من بينها مخرجا.
قوله: " حسبنا الله " يعني: كافينا الله.
" ونعم الوكيل " يعني: ونعم الوكيل ربنا، هذه كلمة عظيمة قالها إبراهيم عليه السلام في الكرب، وقالها أيضا النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه في الكرب لما قال لهم الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173] [آل عمران: 173] وذلك لعظم توكلهم على الرب - جل وعلا -.
هذا باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] [الأعراف: 99] ، وقوله: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر: 56] [الحجر: 56] . هذا الباب عقده المؤلف للآيتين جميعا لاتصالهما.
والمراد بهذا الباب بيان أن الجمع بها الخوف والرجاء واجب من واجبات الإيمان، ولا يتم التوحيد إلا بذلك، فعدم الجمع بين الخوف والرجاء مناف لكمال التوحيد، فالواجب على العبد أن يجعل خوفه مع الرجاء، وأن يجعل رجاءه مع الخوف، وأن لا يأمن المكر كما لا يقنط من رحمة الله - جل وعلا -.
فالآية الأولى وهي قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] فيها بيان أن المشركين من صفاتهم أنهم أمنوا عقاب الله فلم يخافوا، والواجب بالمقابل أن تكون قلوبهم خائفة وجلة من الله - جل وعلا - قال سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} [الأعراف: 99] يعني: أيعلمون تلك المثلات، وفعل الله - جل وعلا - بالأمم السالفة، التي قصها الله في سورة الأعراف فأمنوا مكر الله؟!! فإذا كان كذلك، وحصل منهم الأمن، مع وجود النذر فيما حولهم، وأن الله قص عليهم القصص والأنباء، فإن ذلك من صفات الخاسرين كما قال تعالى: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]