. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوإذا قرأ هذه الصفحة وهو يعلم برجه الذي ولد فيه، أو يعلم البرج الذي يناسبه، وقرأ ما فيه، فكأنه سأل كاهنا، فلا تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن صدق بما في تلك البروج فقد كفر بما أنزل على محمد، وهذا يدلك على غربة التوحيد بين أهله، وغربة فهم حقيقة هذا الكتاب- كتاب التوحيد- حتى عند أهل الفطرة وأهل هذه الدعوة، فإنه يجب إنكار ذلك على كل صعيد وأن لا يؤثم المرء نفسه، ولا من في بيته بإدخال شيء من الجرائد التي فيها ذلك في البيوت؛ لأن هذا معناه إدخال للكهنة إلى البيوت، وهذا- والعياذ بالله- من الكبائر، فواجب إنكار ذلك وتمزيقه والسعي فيه بكل سبيل حتى يدحر أولئك؛ لأن أهل التنجيم وأهل البروج هم من الكهنة، والتنجيم له معاهد معمورة في لبنان وفي غيرها، يتعلم فيها الناس حركة النجوم، وما سيحصل بحسابات معروفة، وجداول معينة، ويخبرون بأنه من كان من أهل البرج الفلاني فإنه سيحصل له كذا وكذا، عن طريق تعلم وهمي يغرهم به رؤوسهم وكهانهم، فالواجب على طلبة العلم أن يسعوا في تبصير الناس بحقيقة ذلك في كلماتهم، وبعد الصلوات، وفي خطب الجمعة؛ لأن هذا مما كثر البلاء به، والإنكار فيه قليل، والتنبيه عليه ضعيف، والله المستعان.
هذا " باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء "، والاستسقاء بالأنواء هو نسبة السقيا إلى الأنواء، والأنواء هي " النجوم، يقال للنجم. نوء.
والعرب والجاهليون كانوا يعتقدون أن النجوم والأنواء سبب في نزول المطر، فيجعلونها أسبابا، ومنهم- وهم طائفة قليلة- من يجعل النوء والنجم هو الذي يأتي بالمطر كما سبق في حال الطائفة الأولى من المنجمين الذي يجعلون المفعولات منفعلة عن النجوم وعن حركتها.
فقوله -رحمه الله-: " باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء " يعني: باب ما جاء في نسبة السقيا إلى النوء، وعبر بلفظ الاستسقاء؛ لأنه جاء في الحديث "والاستسقاء بالنجوم ".
ومناسبة هذا الباب لما قبله من الأبواب: أن الاستسقاء بالأنواء نوع من التنجيم. لأنه نسبة السقيا إلى النجم وذلك أيضا من السحر؛ لأن التنجيم من السحر بمعناه العام.
ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن الذي ينسب السقيا والنعمة والفضل الذي يؤتاه حين نزول المطر إلى النوء أو النجم. يكون قلبه ملتفتا عن الله- جل وعلا- إلى غيره، ومتعلقا بغيره، وناسبا النعم إلى غير الله- جل وعلا- ومعتقدا أن النجوم أسباب لهذه المسببات من نزول المطر ونحوه، وهذا مناف لكمال التوحيد، فإن كمال التوحيد الواجب يوجب على العبد أن ينسب النعم جميعا إلى الله وحده، وأن لا ينسب شيئا منها إلى غير الله ولو كان ذلك الغير سببا، فينسب النعمة إلى مسديها ولو كان من أجرى الله على