. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقوله: «ولكن الله يذهبه بالتوكل» لأن حسنة التوكل وإتيان العبد بواجب التوكل يذهب عنه كيد الشيطان بالتطير، فالواجب على العبد إذا عرض له شيء من التشاؤم ألا يرجع عما أراد عمله، بل يعظم التوكل على الله- جل وعلا-؛ لأن هذه الأشياء التي تحصل لا تدل على الأمور المغيبة؛ لأنها أمور طرأت ووقعت هكذا أمام العبد، وليس لها أثر فيما يحصل مستقبلا.
ولأحمد من حديث ابن عمرو: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك» هذا هو ضابط الطيرة التي تكون شركا، وهو أن ترد المتطير عن حاجته، فإذا لم ترده عن حاجته، ولم يستجب لها، فلا حرج عليه وبذلك إلا أن عظمت في قلبه، فربما دخلت في أنوع محرمات القلوب، الذي يذهب ذلك كله هو التوكل على الله، وتعظيم الرغب فيما عنده وحسن الظن بالله - جل وعلا-.
«قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: "أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك» (?) ": لا طير إلا طيرك يعني: لن يحصل إلا قضاؤك الذي قضيته، أو لن يحصل ويقضى إلا ما قدرته على العبد. فعلم المغيبات إنما هو عند الله- جل وعلا-.
" باب ما جاء في التنجيم ". يعني في حكم التنجيم، وأنه منقسم إلى جائز ومحرم، والمحرم منه نوع من أنواع السحر، وهو كفر وشرك بالله- جل وعلا-، فادعاء معرفة المغيبات عن طريق النجوم، هو التنجيم المذموم المحرم الذي هو من أنواع الكهانة والسحر.
والتنجيم الذي يتعاطاه الناس ثلاثة أنواع:
الأول: التنجيم الذي هو اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها، وأن الحوادث الأرضية منفعلة ناتجة عن النجوم وعن إرادات النجوم، وهذا تأليه للنجوم، وهو الذي كان يصنعه الصابئة ويجعلون لكل نجم وكوكب صورة وتمثالا، تحل فيها أرواح الشياطين، فتأمر أولئك بعبادة تلك الأصنام والأوثان، وهذا بالإجماع كفر أكبر وشرك كشرك قوم إبراهيم.
والنوع الثاني من التنجيم: هو ما يسمى علم التأثير، وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها، وطلوعها وغروبها، على ما سيحصل في الأرض، فيجعلون حركة النجوم دالة على ما سيقع مستقبلا في الأرض، والذي يفعل هذه الأشياء ويستدل بها يقال له: المنجم، وهو من أنواع الكهان؛ لأنه يخبر بالأمور المغيبة عن طريق الاستدلال بحركات الأفلاك وتحرك النجوم، وهذا النوع محرم وكبيرة من الكبائر، وهو نوع من الكهانة وكفر بالله- جل وعلا-؛ لأن النجوم ما خلقت لذلك وهؤلاء تأتيهم الشياطين، فتوحي إليهم بما يريدون وبما سيحصل في المستقبل ويجعلون حركة النجوم دليلا على ذلك.