. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوحديث البطاقة يدلَّان على أن (لا إله إلا الله) لا يقابلها ذنب، ولا تقابلها خطيئة، لكن هذا في حق من كملها وحققها، بحيث لم يخالط قلبه - في معناها - ريب، ولا تردد ومعناها مشتمل على الربوبية بالتضمن، وعلى الأسماء والصفات باللزوم، وعلى الإلهية بالمطابقة، فيكون من ينتفع بهذه الكلمة على وجه الكمال - ولو بلغت ذنوبه ما بلغت، وكانت سجلاته كثقل السماوات والأرضين السبع - هو الذي كمل ما دلت عليه من التوحيد وهذا معنى هذا الحديث، وحديث البطاقة، وهذا أيضا هو الذي دل عليه الحديث الآخر الوارد في الباب نفسه عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» (?) وهذا من فضل التوحيد وتكفيره الذنوب.
ومناسبة هذا الحديث للباب ظاهرة، وهي: أنه من أتى بذنوب عظيمة، ولو كانت كقراب الأرض خطايا يعني كعظم وقدر الأرض خطايا، ولكنه لقي الله لا يشرك به شيئا: لأتى الله ذلك العبد بمقدار تلك الخطايا مغفرة، وهذا لأجل فضل التوحيد، وعظم فضل الله - جل وعلا - على عباده بأن هداهم إليه، ثم أثابهم عليه.
هذا الباب هو: " باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب " وقد ذكر في الباب قبله فضل التوحيد، وما يكفر من الذنوب، وهذا الباب أرفع رتبة من بيان فضل التوحيد فإن فضل التوحيد يشترك فيه أهله، وأهل التوحيد هم أهل الإسلام، ولا شك أن لكل مسلم نصيبا من التوحيد، فيكون له - تبعا لذلك - نصيب من فضل التوحيد، وتكفير الذنوب، أما خاصة هذه الأمة فهم الذين حققوا التوحيد؛ ولهذا عطف هذا الباب على الذي قبله؛ لأنه أخص. وتحقيق التوحيد هو مدار هذا الباب، وتحقيقه بمعنى تحقيق