. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوكذلك حديث علي بن الحسين هو بمعنى الحديث السابق. ولفظ حديث علي بن الحسين أنه قال: «ألا أحدثك حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا» قاله للرجل الذي كان يعتاد المجيء إلى فرجة كانت عند القبر؛ لأن اعتياده الدعاء عند القبر نوع من الغلو، ووسيلة إلى تعظيم القبر، واتخاذه عيدا. وهذا من وسائل الشرك.
فحمى النبي عليه الصلاة والسلام حمى التوحيد وحرس جنابة، وسد كل طريق توصل إلى الشرك، حتى في قبره عليه الصلاة والسلام، فإذا كان قد نهى عن اتخاذ قبره مسجدا، أو عيدا، فمن باب أولى قبور غيره من الأنبياء والمرسلين، والصالحين، فإنهم أولى بذلك؛ لأنه أفضل خلق الله عليه الصلاة والسلام. فالحاصل: أن بعض هذه الأمة خالف ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به من حماية جناب التوحيد، فاتخذوا القبور مساجد، وأعيادا، وبنوا عليها المشاهد، وأسرجوها، وقدموا لها الذبائح والنذور، وطافوا حولها، وجعلوها كالكعبة، وجعلوا الأمكنة حولها مقدسة أعظم من تقديس بقاع الله المباركة، بل إن عباد القبور تجد عندهم من الذل، والخضوع، والإنابة، والرغب، والرهب - حين يأتون إلى قبر النبي أو قبر الرجل الصالح أو قبر الولي - ما ليس في قلوبهم إذا كانوا في خلوة مع الله - جل جلاله - وهذا عين المحادة لله - جل وعلا - ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا " باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان "، وكتاب التوحيد من أوله إلى هذا الموضع، ذكر فيه الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - مسائل كثيرة من التوحيد، كبيان وجوب معرفة التوحيد، والعلم به، والخوف من الشرك، وبيان بعض أفراد التوحيد، وبعض أفراد الشرك، الأكبر والأصغر، ثم بين شيئا مما يتعلق بوسائل ذلك، وما يتعلق بالصور المختلفة التي وقعت من هذا الشرك في الأمم قبلنا وعند الجاهليين، يعني: في الأميين وفي أهل الكتاب، وكذلك مما وقع في هذه الأمة. ثم ذكر الوسائل والطرق الموصلة إلى الشرك، يعني: وسائل الشرك التي توصل إليه، وطرق الشرك الموصلة إليه.