من الأول، والأول أصل له، ولا يجوز أخذ الأول من الثاني، لأنه يصير مأخوذاً من المعدوم.
واستدلوا أيضاً أن العرب لما لم تعرب أشياء من الكلام بالحركات، التي هي أصل الإعراب، أعربته بالحروف التي أخذت الحركات منها، وذلك نحو التثنية والجمع السالم، ونحو الأسماء الستة، قالوا ألا ترى أنهم لما لم يعربوا هذا بالحركات أعربوه بالحروف التي أخذت الحركات منها.
وقال آخرون: حروف الممد واللين مأخوذة من الحركات، واستدلوا على ذلك بأن الحركات إذا أشبعت حدثت منها هذه الحروف الثلاثة.
واستدلوا أيضاً أن العرب قد استغنت في بعض كلامها عن الواو بالضمة، وعن الياء بالكسرة، وعن الألف بالفتحة، فيكتفون بالأصل عن الفرع، لدلالة الأصل على فرعه، كقول الشاعر:
فلولا أن الأطبا كان حولي ... وكان مع الأطباء الأساة
فحذفت الواو من (كانوا) وأبقيت الضمة تدل عليها، وقال الآخر:
دار لسلمى إذه من هواكا
فحذفت الياء من (هي) بعد أن سكنت، لدلالة الكسرة عليها، وقال الآخر:
فبيناه يشري رحله قائل ... لمن جمل رخو الملاط نجيب