فَتلك الدّلَالَة هَل زَالَت بِزَوَال الْوُجُوب أم هِيَ بَاقِيَة
اخْتلفُوا فِيهِ
فَقَالَ الْغَزالِيّ إِنَّهَا لَا تبقى بل يرجع الْأَمر إِلَى مَا كَانَ قبل الْوُجُوب من الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة أَو الْإِبَاحَة أَو التَّحْرِيم وَصَارَ الْوُجُوب بالنسخ كَأَن لم يكن كَذَا جزم بِهِ فِي الْمُسْتَصْفى
وَقَالَ الإِمَام فَخر الدّين وَالْجُمْهُور إِنَّهَا بَاقِيَة
ومرادهم بِالْجَوَازِ هُوَ التَّخْيِير بَين الْفِعْل وَالتّرْك وَهُوَ الَّذِي صرح الْغَزالِيّ أَيْضا بِعَدَمِ بَقَائِهِ
وَحِينَئِذٍ فَيكون الْخلاف بَينهمَا معنويا على خلاف مَا ادَّعَاهُ ابْن التلمساني من أَن الْخلاف لَفْظِي وَيكون الْجَوَاز الَّذِي كَانَ فِي الْوَاجِب جِنْسا وفصله الْمَنْع من التّرْك قد صَار فَصله بعد النّسخ هُوَ التَّخْيِير بَين الْفِعْل وَالتّرْك فَإِن النَّاسِخ أثبت رفع الْحَرج عَن التّرْك فالماهية الْحَاصِلَة بعد النّسخ مركبة من قيدين
أَحدهمَا زَوَال الْحَرج عَن الْفِعْل وَهُوَ مُسْتَفَاد من الْأَمر
وَالثَّانِي زَوَاله عَن التّرْك وَهُوَ مُسْتَفَاد من النَّاسِخ وَهَذِه الْمَاهِيّة هِيَ الْمَنْدُوب أَو الْمُبَاح هَكَذَا قَالَه فِي الْمَحْصُول
وتلخص من ذَلِك أَنه إِذا نسخ الْوُجُوب بَقِي النّدب أَو الْإِبَاحَة من الْأَمر مَعَ ناسخه لَا من الْأَمر فَقَط