وَالثَّانِي وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الصُّورِي كإطلاق الْيَد على الْقُدْرَة فِي قَوْله تَعَالَى {يَد الله فَوق أَيْديهم} أى قدرته فَإِن الْيَد لَهَا صُورَة خَاصَّة يَتَأَتَّى بهَا الاقتدار على الشَّيْء وَهُوَ تجويف راحتها وَصغر عظمها وانفصال بَعْضهَا عَن بعض ليتأتى وضع الشَّيْء فِي الرَّاحَة وتنقبض عَلَيْهِ الْعِظَام الدقاق الْمُنْفَصِلَة ويتأتى دُخُولهَا فِي المنافذ الضيقة

وَأما الثَّالِث وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الفاعلي فكقولهم نزل السَّحَاب يعنون الْمَطَر وَأنْبت الرّبيع البقل وأنضجت الشَّمْس الثِّمَار فَإِن الْفَاعِل حَقِيقَة هُوَ الرب سُبْحَانَهُ

وَأما الرَّابِع وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الغائي فكقوله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} أَي عنبا فَأطلق الْخمر على الْعِنَب لِأَنَّهَا عِنْدهم هِيَ الْعلَّة الغائية مِنْهُ

وَإِذا تعَارض الْأَمر بَين الأول وَهُوَ إِطْلَاق الْمُسَبّب على السَّبَب وَبَين عَكسه فالعكس أولى لِأَن السَّبَب الْمعِين يدل على الْمُسَبّب الْمعِين بِخِلَاف الْعَكْس أَلا ترى أَن الْبَوْل مثلا يدل على انْتِقَاض الْوضُوء وانتقاض الْوضُوء لَا يدل على الْبَوْل فقد يكون عَن لمس أَو غَيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015