بأن يسمى الأسود أبيض، والأبيض أسود، وهذا صحيح لأن المعاني كانت موجودة قبل الأسماء ومنفكة عنها، فإذا كان يمكنه ذلك أمكنه لأن ينقلها.

فإن قيل: لا يجوز أن ينقلها، لأن نقلها عما وضعت له يكون قلباً للحقيقة، وقلب الحقائق مستحيل.

قيل: المستحيل هو المعدوم، وقد بينا أنه كان موجوداً وكان أيضاً المعنى منفكاً عن الأسماء، وإنما قد يكون قلب الحقيقة في الاسم الذي لم ينفك عن مسماه.

وأيضاً فإن الله تعالى أمر بالعبادة وذلك المصلحة، وقد يجوز أن يكون نقل الأسماء للمصلحة، والمصلحة وجه حسن.

وأيضاً: فإن (الشارع) قد سمي في الشرع أسماء لم تكن في اللغة، مثل: الإسلام والإيمان والكفارة والعدة، وقد يكون مثل هذا، ألا ترى أن الإنسان يولد له ولد فيسميه باسم ليتميز به من غيره، ويكون ذلك الاسم حقيقة فيه، وغن كان في اللغة موجوداً، وكذلك الصناع يصنعون لآلاتهم أسماء ويكون ذلك حقيقة فيها، فإذا كان كذلك جاز للشارع أن يسمى في الشرع أسماء تكون حقيقة فيما سماه وإن كانت موجودة في اللغة.

103 - واحتج من خالف بأن قال: الأسماء موضوعة على معانٍ وأحكام، فإذا نقلها من ذلك كان تعطيلاً للمعاني والأحكام، ومثل هذا قبيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015