واستدلوا عليه بأن قالوا: الأسماء إنما وضعت ليفهم بها المعنى ويميز بها بين الأشياء، فإذا ورد خطاب من المخاطب لا يفهم معناه بطل حينئذٍ بغير (الوضع) فلا يكون حقيقة فيهما.
الجواب عن هذا وهو الدليل لنا: أنه لا يمتنع أن يكون قبيلة من العرب قد وضعوا القرء اسماً للحيض وشاع ذلك بينهم، وقبيلة أخرى من العرب قد وضعوا القرء اسماً للطهر ثم انقرضت القبيلتان وبقتي تلك الأسماء بين الناس حقيقة في كل واحد من المعاني، وعلى أنه قد يخاطب المخاطب بالشيء مفسراً فيعرفه بنفس الكلام، مثل أن يقول: رأيت سواداً، ويخاطب أيضاً بالشيء مجملاً مع ما يضاده فيعرف مقصوده إما بقرينة أو بتفسير منه، مثل أن يقول: رأيت لوناً، فإن هذا يقع على أشياء مختلفة وهو حقيقة في أشياء مختلفة، مثل قولهم: عين، فإن هذا يقع على عين الإنسان، وعين الماء، وعين الذهب، وعين الرقية، وهو حقيقة 13 ب/ فيهما، وكذلك قولهم لون ((وجون)) وغير ذلك، فكذلك لا يمنع أن يكون هذا مثله.
101 - فصل: عندنا أن الأسماء منقولة من اللغة إلى الشرع وهي حقيقة فيه، وبهذا قال أبو حنيفة والمعتزلة وهو اختيار شيخنا.