والثالث: أنه لو حسن أن يقال العدول عن الحقيقة مع القدرة عليها عجز، حسن أيضاً أن يقال العدول عن المجاز مع القدرة عليه عجز.

فإن قيل: الحقيقة فيها منفعة للعباد لأنهم يعرفون بها سائر الأشياء من الأحكام وغير ذلك صورة، والمجاز ما بهم حاجة إليه.

قيل: بل فيه منفعة، وهو ما بيناه من الإيجاز والاختصار والمبالغة وهذا هو فصاحة فلا فرق بينهما.

احتج المخالف بأن قال: لو كان في القرآن مجاز، لجاز أن يسمى الله تعالى متجوزاً أو مستعيراً لأن القرآن صفة من صفاته، فلما لم يجز أن يسمى به دلّ على أن ليس في القرآن مجاز.

الجواب: أنه ليس كل صفات الله تعالى يسمى بها. نحن نعلم أن في القرآن حقيقة ولا يسمى الله متحققاً.

والثاني: أن أسماء الله تعالى تثبت توقيفاً ولم تثبت قياساً ولا اشتقاقاً، فلو كان سمى الله نفسه متجوزاً لسميناه كذلك.

الثالث: (أنه) إنما لم يسم الله متجوزاً ولا مستعيراً لأنها أسماء نقص، لأن المتجوز: من يفعل ما ليس له فعله، والمستعير: هو ما لا يكتفي بنفسه فيستعير ملك الغير، وتبارك الله وتعالى عن ذلك.

احتج بأن: القرآن حق، والحق لا يكون إلا حقيقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015